الرابع عشر: أنها تدور في السنة، وقيل: بل تدور في شهر رمضان من السنة، وقيل: لا تدور أصلًا، بل هي ليلة معينة عند اللَّه -تعالى- مخصوصة بالعشر الأواخر من رمضان، غير معينة عند الناس.
ومن أعجب الأقوال قولُ أبي حنيفة: أنها رفعت؛ تمسُّكًا منه بظاهر قوله -عليه الصلاة والسلام-: "فتلَاحَى رَجُلَانِ، فَرُفِعَتْ"، وإنما المقصود: رفعُ تعيينها (٢)، لا وجودها، وهو مقتضى السياق؛ بدليل أمرِه -عليه الصلاة والسلام- بالتماسِها، والتماسُ المرتفع محالٌ، وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُم، الْتَمِسُوهَا في السَّبْعِ والتِّسْعِ"، هكذا هو في أول "صحيح البخاري"(٣)، والذي عليه الجمهورُ من أهل العلم أنها مخصوصةٌ برمضانَ في كل سنة.
وقيل: إنها مخصوصةٌ برمضان بعينه، كان في ذلك الزمن، وهو باطل لا دليل عليه.
قال ابن بزيزة: والصحيح -واللَّه أعلم- أن هذه الليلة أُخفيت عن الخلق؛ ليجتهدوا في العشر.
(١) في "ت": "العشر". (٢) في "ت": "تعينها". (٣) رواه البخاري (٤٩)، كتاب: الإيمان، باب: خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر، من حديث عبادة بن الصامت -رضي اللَّه عنه-.