الوصال التي ذكرها مسلم في ألفاظها ما يدلُّ على أن النهيَ عن ذلك تخفيفٌ ورِفْق، وفي بعض طرق مسلم: نهاهُمْ عَنِ الوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ (١)، وفي بعض طرقه: لَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنتهُوا عَنِ الوِصَالِ، وَاصَل بِهِمْ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوُا الهِلَالَ، فقالَ -عليه الصلاة والسلام-: "لَوْ تَأَخَّرَ الهِلَالُ، لَزِدْتُكُمْ"؛ كَالمنكل لهم (٢)، وفي بعض طرقه:"لَوْ مُدَّ لَنَا الشَّهْرُ، لَوَاصَلْنَا وِصَالًا يَدَعُ المُتَعَمِّقُونَ تَعَمُّقَهُمْ"(٣)، وهذا كله دليل على عدم استحالةِ إمساكِ الليل شرعًا، ولو كان مستحيلًا، لما واصل -عليه الصلاة والسلام- بهم، ولا حملَهم على ما لا يحلُّ، ولعاقبَ مَنْ خالفَ نهيَه.
وقد تقدم لنا في أول (٤) مقدمة كتاب: الصيام نقلُ الخلاف في الوصال، وأن في ذلك ثلاثةَ أقوال؛ ثالثها: جوازُ الوصال إلى السحر خاصةً، وسيأتي الكلامُ على ذلك أيضًا.
* * *
(١) سيأتي تخريجه قريبًا من حديث عائشة رضي اللَّه عنها. (٢) سيأتي تخريجه قريبًا من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-. (٣) سيأتي تخريجه قريبًا من حديث أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه-. (٤) "أول" ليس في "ت".