أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ" فقد جعل الفطر حسنًا، والصوم لا جناح فيه، فهذه إشارة إلى تفضيل الفطر، وكان ابن عمر يقول: رخصةٌ ربي أحبُّ إليَّ (١)، مع أنه كان من أهل التشديد على نفسه، والأخذِ بالأشدِّ، وقال: أرأيتَ لو تصدَّقْتَ بصدقة، فردَّتْ عليكَ، ألا تغضب (٢)؟
ونهى أبو هريرة، وابنُ الزبير، وغيرُهما عن الصوم في السفر.
وسئل ابن عباس -رضي اللَّه عنه-، فقال: يُسْرٌ وعُسْرٌ، خذْ بيسر (٣) اللَّه (٤).
وإليه ذهب ابن عباس، وابن عمر، وغيرهما -رضي اللَّه عنهما-.
وقيل: الفطرُ والصومُ سواءٌ؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ"، وإليه ذهب جُلُّ أهل المذهب على ما ذكره القرطبي في "مفهمه"، قال: وعليه تدلُّ أحاديث مسلمٍ في هذا الباب (٥).
قال الخطابي: وذهبت طائفة إلى أن الأفضلَ الأيسرُ عليه، والأسهلُ؛ لقوله تعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ}[البقرة: ١٨٥] الآيةَ.
ع: وروي عن عمر بن عبد العزيز، وقتادة، ومجاهد (٦).
ثم هل هذا في كل سفر؛ طاعةً كان أو معصيةً، طويلًا كان أو
(١) انظر: "المحلى" لابن حزم (٦/ ٢٤٨). (٢) المرجع السابق، (٤/ ٢٥٧). (٣) في "خ": "يسر". (٤) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٨٩٦٣). (٥) انظر: "المفهم" للقرطبي (٣/ ١٧٦). (٦) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٤/ ٧٠).