ينبغي أن نقدم أمامَ الحديث مقدمةَ تتعلق بكتاب الصيام، يحصل الغرضُ منها في أربعة أطراف، ثم نعود إلى تتبُّع ألفاظ الحديث.
الطرف الأول: في حقيقة الصيام لغةً وشرعًا، وهو في اللغة: الإمساكُ والكَفُّ، يقال: صام الرجلُ: إذا وقفَ عن السير، وصامَ النهار: إذا وقف سيرُ الشمس، وصام الرجلُ: إذا سكت عن الكلام، ومنه قوله تعالى:{إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا}[مريم: ٢٦]، وقال الشاعر:
وأما معناه في الشرع: فإمساك عن شهوتي البطن والفَرْج بِنِيَّةٍ قبلَ الفجر، أو معه، إلى غروب الشمس، فإن كان ذلك في زمن الحيض أو النفاس، أو يومي العيد، سمي صومًا فاسدًا، ويدل عليه: أنه -عليه الصلاة والسلام- نهى عن صيام يوم الفطر، فسماه صيامًا، وكذلك
= (٢/ ٢٠٤)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (٢/ ٨٣٩)، و"التوضيح" لابن الملقن (١٣/ ١٠٣)، و"فتح الباري" لابن حجر (٤/ ١٢٨)، و"عمدة القاري" للعيني (١٠/ ٢٨٧)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٣٥٩)، و"كشف اللثام" للسفاريني (٣/ ٤٨٠)، و"سبل السلام" للصنعاني (٢/ ١٥٠). (١) البيت للنابغة كما في "ديوانه" (ص: ١١٢)، (ق ١٣/ ٢٥).