إذ تُبذل الأموالُ في تحصيلها، وهيهاتَ أن تحصُلَ، قال اللَّه تعالى:{لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[الأنفال: ٦٣].
ق (١): وقد كانت الأنصار في غاية التباعد والتنافر، وجرت بينهم حروب قبل المبعث؛ منها: يوم بعاث. ثم أتبع ذلك نعمةَ الغنى والمال (٢).
ففي الحديث: دليل على إقامة الحجة على الخصم، وإفحامه بالحق، وأحسنَ الصحابةُ -رضي اللَّه عنهم- الأدبَ في جوابهم، وحُسْنِ خطابهم مع اعترافهم بالحق، وتركِ المماراة، لا جرم أعقَبهم اللَّه عز وجل من حُسن أدبهم شكر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لهم، وثناءه عليهم، فسبحان مَنْ هداهم، وامتنَّ عليهم برؤيته وصحبته -صلى اللَّه عليه وسلم-.
السابع: ما كُني عنه بكذا وكذا، وقد جاء مصرَّحًا به في رواية أخرى، ولكن أتى الراوي بالكناية المحصِّلَة للمقصود تأدبًا.
الثامن: قوله -عليه الصلاة والسلام-: "لو شئتم لقلتم جئتنا": هكذا هو منه -صلى اللَّه عليه وسلم- على طريق التواضع ولين الجانب، وإلا ففي الحقيقة الحجة البالغة، والمنة الظاهرة في جميع ذلك للَّه ولرسوله عليهم وعلى