الثاني: قوله: "على قبر"؛ أي: على صاحبِ قبر، فحذفَ (١) المضافَ، وأقام المضاف إليه مقامه، وهو قياس في العربية.
وقوله:"بعدما دفن"؛ أي (٢): بعدما دُفن صاحبُه، ففي (دُفن) ضمير يعود على المضاف المقدَّر؛ إذ لا يجوز أن يقدر ظاهرًا؛ لأن المفعول القائمَ مقامَ الفاعل؛ كالفاعل في أنه لا يحذف، فليتنبه لذلك.
الثالث: فيه: الصلاةُ على القبر بعدَ الدفن، وقد اختلف العلماء في ذلك، فأجازها (٣) بعضهم، ومنعها بعضهم.
وجهُ المنع: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يُصَلَّ على قبره.
ووجهُ الإجازة: صلاتُه -صلى اللَّه عليه وسلم- على قبر السوداء التي كانت تَقُمُّ المسجدَ (٤).
قال الإمام المازري: وانفصل (٥) عن ذلك بوجوه:
أحدها: أنه إنما فعل ذلك -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنه كان وعدَها أن (٦) يصلِّيَ عليها، فصار ذلك كالنذر عليه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا ضعيف؛ لأن النذر إنما يوفى به إذا كان جائزًا، فلو لم تكن الصلاة على القبر جائزة، لما فعلها.
(١) في "ت": "محذوف". (٢) في "ت": "وقوله" بدل "أي". (٣) في "ت": "فأجازه". (٤) رواه البخاري (٤٦٦)، كتاب: المساجد، باب: كنس المسجد، ومسلم (٩٥٦)، كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على القبر، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-. (٥) في "ت": "والفصل". (٦) في "ت": "أنه".