وأما ما نُقل من صلاته -عليه الصلاة والسلام- على سَهْيلِ بنِ بيضاء (١) في المسجد (٢)، فيجوز أن يكون بيانًا للجواز، وأنه ليس بحرام، ويؤيد هذا الاحتمال: أن العمل على خلافه؛ بدليل قول عائشة -رضي اللَّه عنها-: ما أسرعَ ما نَسِيَ الناسُ! فهذا صريح (٣) في أن الناس كانوا لا يصلون على ميت في المسجد؛ إذ لو كان ذلك، لما (٤) حسن قولها: ما أسرع ما نسي الناس! ويكون ذلك جمعًا بين الحديثين، واللَّه أعلم.
الرابع: قوله: "فصفَّ"(٥) دليلٌ على أن صلاة الجنازة يلزم فيها من إقامة الصفوف، وتقديم ما يلزم في سائر الصلوات (٦).
الخامس: قوله: "وكبر أربعًا" نصّ صريح، ودليلٌ ظاهر للجمهور، على أن تكبير صلاة الجنازة أربعُ تكبيرات، وقد اختلف الناسُ في ذلك على ستة أقوال، لا أعلم لها سابعًا:
الأول: وهو أصحُّها وأشهرها: أن التكبير أربع، وبه قال مالك،
(١) في "ت": "سهل بن أبي البيضاء". (٢) رواه مسلم (٩٧٣)، كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الجنائز في المسجد، من حديث عائشة رضي اللَّه عنها. (٣) في "ق": "تصريح". (٤) في "ت": "ما". (٥) في "ت" زيادة: "فيه". (٦) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٣/ ٤١٦).