لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا رسول اللَّه (١)! ألا أجعلُ (٢) لك شيئًا تقعد عليه، فإن لي غلامًا نجارًا؟ قال:"إِنْ شِئْتِ"، (٣) فعملَتْ له المنبرَ، فلما كان يوم الجمعة، قعد النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على المنبر الذي صُنع، فصاحتِ النخلةُ التي كان يخطُبُ عندها حتى كادت أن تنشقَّ، فنزل النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى أخذها، فضمَّها إليه، فجعلت تَئِنُّ أنينَ الصبيِّ (٤) الذي يُسَكَّتُ (٥) حتى استقرَّت، قال:"بَكَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ"، ذكره البخاري في "صحيحه"(٦).
وقد قيل: إن الذي صنع المنبر غلامٌ للعباس عمِّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، هكذا نقله ابنُ بزيزة في "شرح الأحكام" لعبدِ الحق، وسيأتي الكلامُ على اختلافهم من أي شيء كان المنبر؟
الثاني: قوله -عليه الصلاة والسلام-: "مثنى مثنى": كان ينقدح في نفسي سؤال نَحْوِيٌّ، وهو أن القاعدة فيما عدل عن أسماء الأعداد: أنه لا يكرر (٧)؛ أعني: أنك تقول: جاءني القوم مثنى، ليس إلا، من غير
(١) "يا رسول اللَّه" ليس في "ت" و"ق". (٢) في "ت": "نجعل". (٣) في "ت" زيادة: "قال". (٤) في "ت": "كما يَئِنُّ الصَّبيُّ". (٥) في "ت": "سكتَ". (٦) رواه البخاري (١٩٨٩)، كتاب: البيوع، باب: النجار، من حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما-. (٧) في "ت": "تكرر".