قال الجوهري: يقال: فاحَ الطيبُ: إذا تَضَوَّعَ، ولا يقال: فاحَتْ ريحٌ خبيثةٌ (١).
فانظر: هل في الحديث ما يردُّ قولَه، أم لا؟
الخامس: جَهَنَّمُ مأخوذ من قول العرب: بئرٌ جهنَّام: إذا كانت بعيدةَ القَعْر، وهذا الاسم أصلُه للطبقة (٢) العليا، ويُستعمل في غيرها.
وفي الحديث ما يدلُّ على أن النار مخلوقةٌ الآن، وهو مذهب أهل السنة.
وفي الحديث الآخر الصحيح:"اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا، فَقَالَتْ: يَا رَبِّ! أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنٍ؛ نَفَسٍ في الشِّتاءِ، وَنَفَسٍ في الصَّيْفِ"(٣) ما يدل على ذلك أيضًا.
وقد اختلف العلماء في معنى هذا الحديث، فقال بعضهم:
هو على ظاهره، واشتكتْ حقيقةٌ، وشدةُ الحرِّ من وهجها وفَيْحِها، وجعل اللَّه فيها إدراكًا وتمييزًا بحيث تكلمتْ بهذا.
وقيل: ليس على ظاهره، ولكنه على وجه التشبيه والاستعارة
(١) انظر: "الصحاح" للجوهري (١/ ٣٩٣)، (مادة: فوح). (٢) في "ق": "الطبقة". (٣) رواه البخاري (٣٠٨٧)، كتاب: بدء الخلق، باب: صفة النار، وأنها مخلوقة، ومسلم (٦١٧)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.