قالوا: قد كتبت في المصحف بخط المصحف، مع أن الصحابة منعت أن يكون في المصحف غير القرآن؛ كالأشعار، وأسماء السور، وقد قال ابن عباس: سرق الشيطان من الناس آية، وقال ابن المبارك: من تركها، فقد ترك مئة آية وثلاث عشرة آية (١).
قلنا: لا يقابل شيء من ذلك القواطع التي ذكرناها، وفي قول ابن عباس، والزهري: سرق الشيطان من الناس آية، دليل على أن غيرهما من الناس ققد تركها.
قالوا: قد تواترت في سورة النمل، فقد ثبت أنها من القرآن، ولم يبق إلا تعدد المَحالِّ، ولا يشترط تواتره بعد ثبوت الأصل.
قلنا: فليجز إذن أن يثبت (٢){إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ}[النصر: ١] في أول الفاتحة بغير تواتر، وذلك محال.
ومما يدل -أيضا- على ما نقول: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يكتب: بسمك اللهم، حتى أمر أن يكتب بسم الله، فكتبها، فلما نزلت:{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ}[الإسراء: ١١٠]، كتب بسم الله الرحمن (٣)، فلما نزلت:{إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[النمل: ٣٠]، كتبها (٤)؛ إذ
(١) انظر: "المستصفى" للغزالي (ص: ٨٢). (٢) في "ق": "فلينجز إذن أن تثبت". (٣) في "ق" زيادة: "الرحيم". (٤) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (١/ ٢٦٣)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٩/ ٢٨٧٣)، عن الشعبي مرسلًا.