[قوله:"] (١) وكم موطن" كم هنا خبرية بمعنى كثير، وموطن مميزه، وقد علم أن مميز كم الخبرية يكون مفردًا ويكون مجموعًا؛ نحو: كم عبد ملكت، [وكم عبيد ملكت](٢).
قوله:"لولاي" لولا لربط امتناع الثانية بوجود الأولى نحو: لولا زيد لهلك عمرو، أي: لولا زيد موجود، ثم إنها هاهنا وليها مضمر، والأصل فيه أن يكون ضمير رفع نحو: ﴿لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ﴾ [سبأ: ٣١]، وأما لولاي ولولاك ولولاه فقليل (٣).
ثم مذهب سيبويه والجمهور: هي جارة للضمير مختصة به؛ كما اختصت حتى والكاف بالظاهر، ولا يتعلق لولا بشيء، وموضع المجرور بها رفع بالابتداء، والخبر محذوف.
وقال الأخفش: الضمير مبتدأ، ولولا غير جارة، ولكنهم أنابوا الضمير المخفوض عن المرفوع؛ كما عكسوا؛ إذ قالوا: ما أنا كأنت ولا أنت كأنا (٤).
وقال النحاس: لولاك ولولاي إذا أضمر فيه الاسم جر، وإن ظهر رفع، قال سيبويه: وهذا قول الخليل ويونس (٥)، فمعنى هذا أنك تقول: لولا زيد لكان كذا، فترفع بالابتداء، وتقول: لولاك فتكون الكاف في موضع خفض، وهذا عند أبي العباس خطأ؛ لأن المضمر عقيب المظهر، فلا يجوز أن يكون المظهر مرفوعًا والمضمر مجرورًا.
وأبو العباس لا يجيز: لولاك ولولاه، وإنما يقول: لولا أنت، قال أبو العباس: وحدثت أن أبا عمرو اجتهد في طلب: لولاك ولولاي بيتًا يصدقه أو كلامًا مأثورًا عن العرب فلم يجده، قال أبو العباس: وهو مدفوع لم يأت عن ثقة، ويزيد بن الحكم ليس بالفصيح، وكذلك عنده قول الآخر (٦):
(١) ما بين المعقوفين سقط في (ب). (٢) ما بين المعقوفين سقط في (أ). (٣) ينظر الكامل للمبرد (٢/ ٢٤٩، ٢٥٠)، طبعة: مؤسسة المعارف، والمقتضب (٣/ ٧٣). (٤) ينظر شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ١٨٥، ١٨٦)، وانظر نص سيبويه والجمهور ومذهب الأخفش في مغني اللبيب (٢٧٤)، بتحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد. (٥) ينظر الكتاب لسيبويه (٢/ ٣٧٣ - ٣٧٤) وهو بنصه. (٦) هو عجز بيت من بحر السريع، لعمر بن أبي ربيعة، وصدره: أومت بكفيها من الهودج … ...................................... وهو لعمر بن أبي ربيعة في ملحق ديوانه (٤٨٧)، وانظره في الإنصاف (٦٩٣)، والخزانة (٥/ ٣٣٣، ٣٣٥، ٣٣٩، ٣٤٠، ٣٤٢)، وهمع الهوامع (٢/ ٣٣).