للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مقاتل بن حيان: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾، والتبرج: أنها تلقى [١] الخمار على رأسها، ولا تشده فيواري قلائدها وقرطها وعنقها، ويبدو ذلك كله منها، وذلك التبرج، ثم عمت نساء المؤمنين في التبرج.

وقال ابن جرير (٧٠): حدثني ابن [٢] زهير، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا داود -يعني ابن أبي الفرات- حدثنا علي بن أحمر، عن عكرمة عن ابن عباس قال: تلا هذه الآية: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾. قال: كانت فيما بين نوح وإدريس، فكانت [٣] ألف سنة، وإن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل، والآخر يسكن الجبل، وكان رجال الجبل صباحًا وفي النساء دمامة، وكان نساء السهل صباحًا وفي الرجال دمامة، وإن إبليس أبي رجلًا من أهل السهل في صورة غلام، فآجر [٤] نفسه منه، فكان يخدمه واتخذ إبليس شيئًا مثل الذي يزمر فيه الرعاء، فجاء فيه بصوت لم يسمع الناس مثله، فبلغ ذلك من حوله، فانتابوهم يسمعون إليه، واتخذوا عيدًا يجتمعون إليه في السنة، فيتبرَّجُ [النساء للرجال] [٥]- قال: ويتزين [٦] الرجال لهن، وإن رجلًا من أهل الجبل هَجَم عليهم في عيدهم ذلك، فرأى النساء وصباحتهن، فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك، فتحولوا إليهن. فنزلوا معهن وظهرت الفاحشة فيهن، فهو قوله تعالى: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾.

وقوله: ﴿وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ نهاهن أولًا عن الشر ثم أمرهن بالخير، من إقامة الصلاة -وهي: عبادة الله وحده لا شريك له- وإيتاء الزكاة، وهي: الإحسان إلى المخلوقين، ﴿وأطعن الله ورسوله﴾، وهذا من باب عطف العام على الخاص.

وقوله: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ وهذا نص في دخول أزواج النبي في أهل البيت هاهنا. لأنهن سبب نزول هذه [٧] الآية، وسبب النزول داخل في قولًا واحدًا إما وحده على قول أو مع غيره على الصحيح.

وروى ابن جرير، عن عكرمة أنه كان ينادي في السوق: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾، نزلت في نساء النبي خاصة،


(٧٠) - تفسير الطبري (٢٢/ ٤)، وأخرجه الحاكم في المستدرك والبيهقي في شعب الإيمان (٥٤٥١)، وزاد السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٣٧٤) إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم وابن مردويه.