قال ابن عباس في تفسير هذه الآية: إنه نظر إلى التين فإذا هو كما اجتناه، ونظر إلى العصير فإذا هو كهيئته لم يتغير (١). فإن قيل: ذكر شيئين وأخبر عن أحدهما أنه لم يتغير؟ قيل: التَّغَيُّرُ راجعٌ إلى أقرب اللفظين، وهو الشراب، واكتفى بالخبر عن أحدهما عن الخبر عن الثاني؛ لأنه في معنى الثاني، كما قال الشاعر:
ذكر الوظيف والخرطوم، وأخبر عن أحدهما، ويدل على صحة هذا التأويل: قراءة ابن مسعود (٤) فانظر إلى طعامك، وهذا شرابك لم يتسن (٥).
وقوله تعالى:{وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ} وذلك أنه لما أحياه الله وقال له: {بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ} وأراه طعامه غير متغير، وكذلك شرابه، وأراه علامة مكثه مائة سنة ببلى عظام حماره، فقال:{وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ}(٦) فرأى حماره ميتًا عظامُهُ بيضٌ تلوح، فأذن الله عز وجل له في الحياة، فاجتمعت أعضاؤه وانتظمت، حتى عاد إلى حالة الحياة، وجاءه فوقف عند رأسه ينهق.
(١) ذكره في "الوسيط" ١/ ٣٧٣. (٢) في (أ) و (م) و (ي): (عقبناه)، وما أتبت موافق لما في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥١٣، "لسان العرب" ٧/ ٤٠٩٥ (مادة: لوح). (٣) البيت من الطويل، وهو لجران العود في "ديوانه" ص ٤: "لسان العرب" ٧/ ٤٠٩٥ مادة: (لوح)، وللطرماح في ملحق "ديوانه" ص ٥٦٥، "لسان العرب" ٥/ ٣٠٥٢ مادة: (عقنب). وقوله (عقاب عقبناه) على سبيل المبالغة: حديدة المخالب السريعة الخطبة، وظيفتها: عظم ساقها، والخرطوم: منقار الطائر. (٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥١٣، "تفسير القرطبي" ٣/ "البحر المحيط" ٢/ ٢٩٢. (٥) من "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥١٢. (٦) من قوله: (وذلك أنه لما). ساقط من (ي).