وقال خالدُ بنُ جَنَبَة: السبب من الحبال: القوي الطويل، قال: ولا يدعى الحبل سببًا حتى يُصْعَدَ به وُينْزَل، ومن هذا قوله تعالى:{فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ}[الحج: ١٥]، فالسبب: الحبل في هذا الموضع، ثم قيل (١) لكل شيء وصلت به إلى موضع أو حاجة تريدها: سبب، يقال: ما بيني وبينك سبب، أي: آصرة رحم، أو عاطفة مودة. وقيل للطريق: سبب؛ لأنك بسلوكه تصل إلى الموضع الذي تريده، قال الله تعالى:{فَأَتْبَعَ سَبَبًا}[الكهف: ٨٥]، أي: طريقًا، و (أسبابُ السماء): أبوابُها؛ لأن الوصول إلى السماء يكون بدخولها، قال الله تعالى خبرًا عن فرعون: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} [غافر:٣٦ - ٣٧]، قال زهير:
ومن هاب (٢) أسبابَ المنايا ينلنه ... ولو رام أسبابَ السماء بسُلَّمِ (٣).
والمودة بين القوم تسمى: سببًا؛ لأنهم بها يتواصلون، ومنه قول لبيد:
بل ما تَذكَّرُ من نوارَ وقد نأتْ ... وتقطّعت أسبابُها ورِمامُها (٤)(٥).
والتي في هذه الآية يعني بها: وُصَلَهم التي كانت تجمعهم، قال ابن
(١) في (م): (يقال). (٢) سقط من (ش). (٣) البيت في "ديوانه" ص٣٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٣٢٢، "السمعاني" ٢/ ١٢٣، "الرازي" ٤/ ٢٣٤، "القرطبي"، "لسان العرب" ٤/ ١٩١٠ (سب). (٤) البيت في "ديوانه" ص ٣٠١، "لسان العرب" ٤/ ١٩١٠ (سب). (٥) ينظر في معاني السبب: "تفسير الطبري" ٢/ ٧١ - ٧٣، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٣٢٢، "المفردات" ص ٢٢٦، "تاج العروس" ٢/ ٦٦ وما بعدها.