عدّة مواضع من وضع الواحد فى موضع الجماعة، ومن هذا الضّرب قول كثيّر:
وإنّا لنعطى العقل دون دمائنا ... ونأبى فلا نستاق من دمنا عقلا (١)
أراد بالعقل الدّية، وإنما سمّيت الدّية عقلا؛ لأنهم كانوا يدون قتلاهم بالإبل، فيعقلونها بفناء أولياء المقتول، فقال: إذا قتلنا أعطينا الدّية دون القصاص، وإذا قتل منّا أبينا إلاّ القصاص، فلا نستاق بدلا من دم قتيلنا إبلا.
ومن هذا الضّرب قول المتنبى (٢):
وخيلا تغتذى ريح الموامى ... ويكفيها من الماء السّراب
وصف خيل بنى كلاب بأن غذاءها الرّيح وماءها السّراب.
فالتقدير: ويكفيها السّراب بدلا من الماء، أى إذا رأت شبيه لون الماء اكتفت به.
ومما جاء فى التنزيل من هذا الضّرب قوله تعالى:{وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ}(٣) المعنى: لجعلنا بدلا منكم فى الأرض ملائكة يخلف بعضهم بعضا.
ومثله فى المعنى:{إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ}(٤).
ونظيره فى إضمار/البدل قوله:{أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ}(٥) أى بدلا من الآخرة، وقال بعض المفسّرين فى قوله تعالى:{فَلَمّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ}
(١) فرغت منه فى المجلس السادس. (٢) ديوانه ١/ ٨٤. (٣) الآية المتمة الستين من سورة الزخرف. (٤) سورة النساء ١٣٣. (٥) سورة التوبة ٣٨.