{وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ}(١) أراد: وإذا يقول الله، لأنّ هذا القول إنما يوجّه من الله تعالى إلى عيسى بن مريم عليه السلام فى يوم البعث، وممّا جاء من ذلك فى الشّعر قول الطّرمّاح:
وإنّى لآتيكم تشكّر ما مضى ... من البرّ واستيجاب ما كان فى غد (٢)
أوقع كان فى موضع يكون، وجاء بعكس ذلك قول زياد الأعجم:
فإذا مررت بقبره فاعقر به ... كوم الهجان وكلّ طرف سابح (٣)
وانضح جوانب قبره بدمائها ... فلقد يكون أخادم وذبائح
أراد: فلقد كان.
قال أبو الفتح عثمان (٤) بن جنى: قال لى أبو على: سألت يوما أبا بكر، يعنى ابن السرّاج، عن الأفعال؛ يقع بعضها موقع بعض، فقال: كان ينبغى للأفعال كلّها أن تكون مثالا واحدا، لأنها لمعنى واحد، ولكن خولف بين صيغها، لاختلاف أحوال الزمان، فإذا اقترن بالفعل ما يدلّ عليه، من لفظ أو حال/جاز وقوع بعضها فى موقع بعض.
قال أبو الفتح: وهذا كلام من أبى بكر عال سديد (٥).
...
[بيت]
ومن يك باديا ويكن أخاه ... أبا الضّحّاك ينتسج الشّمالا (٦)
(١) سورة المائدة ١١٦. (٢) فرغت منه فى المجلس السابع. وقوله: «من البرّ» يروى «من الأمس» و «من الودّ». (٣) وهذا أيضا سبق فى المجلس السابع. (٤) فى الخصائص ٣/ ٣٣١، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثانى والستين. وهذا الكلام عن وقوع الأفعال، بعضها موقع بعض، تقدم فى المجلسين: السابع والعاشر. (٥) فى هـ: «بحال شديد» وتحت الحاء حاء صغيرة، علامة الإهمال. وهو تصحيف، صوابه فى الأصل، هنا، وفى المجلس الثانى والستين، ونضرة الإغريض ص ٢٨٤، والخزانة ١٠/ ٤، حكاية عن ابن الشجرى. ولم يرد هذا الكلام فى الموضع المذكور من الخصائص. (٦) نسبه السيوطىّ إلى زهير بن مسعود الضبى-جاهلى-مع بيتين منهما ذلك الشاهد السيّار: فخير نحن عند الناس منكم إذا الداعى المثوّب قال يالا -