قول أبى على: «أخطب (١) ما يكون الأمير قائما» أخطب من باب أفعل الذى هو بعض ما يضاف إليه، كقولك: زيد أكرم الرجال، وحمارك أفره الحمير، والياقوت أفضل الحجارة، فزيد بعض الرجال، والحمار بعض الحمير، والياقوت بعض الحجارة، ولا تقول: الياقوت أفضل الزّجاج، لأنه ليس (٢) منه، كما لا تقول: حمارك أحسن الرجال، وإذا ثبت هذا، فإن «ما» التى أضيف إليها «أخطب» مصدريّة زمانية، كالتى فى قوله تعالى:{خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ}(٣) أى مدّة دوام السموات، فقوله: أخطب ما يكون الأمير، تقديره: أخطب أوقات كون الأمير، كما قدّرت في الآية مدّة دوام السموات، أو مدد دوام السموات، فقد صار أخطب بإضافته/إلى الأوقات فى التقدير وقتا، لما مثّلته لك من كون أفعل هذا بعضا لما يضاف إليه، وإضافة الخطابة إلى الوقت توسّع وتجوّز، كما وصفوا الليل بالنوم، فى قولهم: نام ليلك، وذلك لكون النوم فيه، قال:
لقد لمتنا يا أمّ غيلان في السّرى ... ونمت وما ليل المطيّ بنائم (٤)
ومثله إضافة المكر إلى الليل والنهار فى قوله عز وجل:{بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ}(٥) وإنما حسن إضافة المكر إليهما لوقوعه فيهما، والتقدير: بل مكركم فى الليل والنهار.
(١) تقدم فى المجلس السادس، والحادى عشر. وانظر أيضا الفصول الخمسون ص ١٨٨، وتذكرة النحاة ص ٦٥٤، وشرح الأشمونى ١/ ٢١٨ (باب المبتدأ والخبر). (٢) راجع مبحث (أفعل لا يضاف إلاّ إلى ما هو بعضه) فى المقتضب ٣/ ٣٨، والأصول ٢/ ٦، والإيضاح ص ٢٧٠،٢٧١، والشعر صفحات ١٧٩،١٨٠،١٨٢،٢١٧، والخصائص ٣/ ٣٣٣. (٣) سورة هود ١٠٧،١٠٨. (٤) فرغت منه فى المجلس السادس. (٥) سورة سبأ ٣٣.