الكلام فى قول الله عز وجل:{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ. وَوَضَعْنا}(١)
يتوجّه فى قوله {لَكَ} سؤال، فيقال: لو قيل: ألم نشرح صدرك، كان الكلام مكتفيا، ومثله:{وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ} فلأىّ معنى ذكر {لَكَ}؟
والجواب عن هذا السؤال: أن اللام فى {لَكَ} لام العلّة التى تدخل على المفعول من أجله، فى نحو قولك: فعلت ذاك لإكرامك، فإن حذفتها قلت: فعلته إكرامك، كما قال:
متى تفخر ببيتك فى معدّ ... يقل تصديقك العلماء جير (٢)
الأصل: لتصديقك، فلما حذف اللام نصب، فإن حذفت المصدر رددت اللام فقلت: فعلت ذاك لك، ومثله: جئت لمحبّة زيد، ومحبّة زيد، ولزيد، ومنه قول عمر بن أبى ربيعة (٣):
وقمير بدا ابن خمس وعش ... رين له قالت الفتاتان قوما
أراد: لأجله قالت الفتاتان: قوما.
وإذا عرفت هذا فالمعنى: ألم نشرح لهداك (٤) صدرك؟ كما قال تعالى:{فَمَنْ}
(١) أول سورة الشرح. (٢) تقدّم فى المجلس الرابع والأربعين. (٣) ديوانه ص ٢٣٤، ونوادر أبى زيد ص ٥٣٦. والألف التى فى «قوما» ليست ألف التثنية، وإنما هى الألف المنقلبة عن نون التوكيد الخفيفة. وراجع المجلس الخامس والأربعين. (٤) راجع المجلس الحادى والثلاثين.