فمن كان يرضى اللّؤم والكفر ملكه ... فهذا الذى يرضى المكارم والرّبّا (١)
الإشارة بهذا، فى نقدى واستخراجى، موجّهة إلى ملك الممدوح، لا إلى الممدوح؛ لأمرين، أحدهما: أنه لو أراد الممدوح لقال:
فأنت الذى ترضى المكارم والرّبّا
لأنّ اللفظ بالخطاب فى مثل هذا أمدح.
والآخر: أنه أشار إلى الملك، فجعل الإرضاء له؛ لأنّ الإرضاء فى قوله:
فمن كان يرضى اللؤم والكفر ملكه
مسند إلى الملك، كما ترى، فوجب أن يكون الإرضاء الثانى كذلك، فوجّه (٢) الإشارة إليه؛ لأنّ قوله:«ملكه» قد دلّ عليه، كما توجّهت الإشارة إلى الصّبر، فى قوله الله تعالى جدّه:{وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}(٣) لدلالة {صَبَرَ} عليه، وكما عاد الضمير فى «به» إلى «الملك» فى قول القطامىّ:
/هم الملوك وأبناء الملوك لهم ... والآخذون به والسّاسة الأول (٤)
وكانت المقابلة تقتضى أن يقول: يرضى المكارم والإيمان، ليقابل بالإيمان الكفر، كما قابل بالمكارم اللّؤم، ولكنّه لمّا اضطرّه الوزن والقافية إلى وضع لفظة
(١) ديوانه ١/ ٦٩. (٢) هكذا ضبط فى ط بتشديد الجيم، على أنه فعل، مع نصب «الإشارة» على المفعولية، ويقوّيه قوله بعد: «توجّهت». وضبط فى الأصل «فوجه» بسكون الجيم ورفع الهاء، على أنه اسم. وفيما حكى شارح ديوان المتنبى عن ابن الشجرى: «لأنّ وجه الإشارة إليه». (٣) سورة الشورى ٤٣. (٤) فرغت منه فى المجلس العاشر.