اختلف القرّاء فى رفع {الْقَمَرَ} ونصبه، من قوله تعالى:{وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ}(١) فرفعه (٢) ابن كثير ونافع وأبو عمرو، فوجه الرفع أن قبله جملة من مبتدأ وخبر، وهى قوله:{وَالشَّمْسُ تَجْرِي}(٣) ووجه النّصب عند أبى على: أنه تقدّمه فعل وفاعل، فالفعل {تَجْرِي} وفاعله الضمير المستكنّ فيه، ولمّا جرى ذكر فعل، حسن إضمار الفعل، قال أبو على: من نصب، فقد حمله سيبويه (٤) على: زيدا ضربته، قال: /وهو عربىّ، يعنى أنه قد يجوز إضمار الفعل، وإن لم يتقدّم ذكر فعل، فكأن سيبويه لم يعتدّ بذكر {تَجْرِي} فنصب بعد ذكر الجملة المبتدئية، كما تقول مبتدئا:
زيدا ضربته، فتنصبه وإن لم يتقدّمه فعل.
قال أبو علىّ: ويجوز فى نصبه وجه آخر، وهو أن تحمله على الفعل الذى هو خبر المبتدأ، على ما أجازه سيبويه، من قولك: زيد ضربته وعمرا أكرمته، وهو أن تحمله مرّة على الابتداء، ومرّة على الخبر الذى هو جملة من فعل وفاعل، وهو {تَجْرِي} من قوله: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها}{وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ} انتهى كلام أبى على.
(١) سورة يس ٣٩. (٢) السبعة ص ٥٤٠، والكشف ٢/ ٢١٦، والمشكل ٢/ ٢٢٦، والإتحاف ٢/ ٤٠٠. (٣) سورة يس ٣٨. (٤) راجع الكتاب ١/ ٨٨ - ٩٢، ولم يتل سيبويه آيتى سورة يس.