قال أبو علي: البين: مصدر بان يبين، إذا فارق، واستعمل هذا الاسم على ضربين، أحدهما: أن يكون اسما متصرّفا كالافتراق.
والآخر: أن يكون ظرفا ثم استعمل اسما، والدليل على جواز كونه اسما قوله:{وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ}(٣) و {هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ}(٤) فلمّا استعمل اسما فى هذه المواضع، جاز أن/يسند إليه الفعل الذى هو {تَقَطَّعَ} فى قول من رفع.
ويدلّ على أن هذا المرفوع هو الذى استعمل ظرفا: أنه لا يخلو من أن يكون الذى هو ظرف اتّسع فيه، أو يكون الذى هو مصدر، فلا يجوز أن يكون هذا القسم؛ لأن التقدير يصير: لقد تقطّع افتراقكم، وهذا خلاف المعنى المراد، ألا ترى أن المراد لقد تقطّع وصلكم وما كنتم تتألّفون عليه.
فإن قلت: كيف جاز أن يكون بمعنى الوصل، وأصله الافتراق والتباين، وعلى هذا قالوا: بان الخليط، إذا فارق، وفى الحديث «ما بان من الحيّ فهو ميتة»(٥).
(١) سورة الأنعام ٩٤. (٢) راجع المجلس السابع، وزد على المراجع المذكورة هناك: كتاب الشعر ص ٣٠٦، وشرح الحماسة ص ٦١٢،١٠٩٥. (٣) سورة فصلت ٥. (٤) سورة الكهف ٧٨. (٥) لم أجده بهذا اللفظ فى دواوين السنّة التى بين يدىّ. وفى معناه ما رواه ابن ماجة: «ما قطع من حىّ فهو ميت». السّنن (باب ما قطع من البهيمة وهى حيّة، من كتاب الصيد) ص ١٠٧٣. وانظر أيضا سنن أبى داود (باب فى صيد قطع منه قطعة، من كتاب الصيد) ٣/ ١١١، وعارضة الأحوذى (باب-