«أو» مع لزومها للعطف تدلّ على معان مختلفة، وإنما قلت مع لزومها للعطف؛ لأنّ الواو تدلّ على معان مختلفة إذا فارقت العطف، نحو كونها للحال، وكونها للقسم، وكونها بمعنى «مع» فى نحو: «استوى الماء والخشبة».
فمن معانى «أو» كونها للشّكّ فى نحو: جاءنى زيد أو عمرو، يجوز أن يكون المتكلّم بهذا شاكّا، ويجوز أن يكون قاصدا بذلك تشكيك مخاطبه.
والثانى: أن تكون للتّخيير بين الشيئين، وقصد أحدهما دون الآخر، كقولك: كل سمكا أو اشرب لبنا، أمرته بأن لا يجمعهما، بل يختار أحدهما، وكقولك: تزوّج هندا أو بنتها، خيّرته فيهما، ولا يجوز أن يجمعهما، ومنه فى التنزيل قوله تعالى:{إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}(١) ومثله: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}(٢) أنت مخيّر فى جميع هذا، أيّ ذلك فعلت أجزأك.
والثالث: أن تكون للإباحة، كقولك: تعلّم الفقه أو النّحو، وجالس الحسن/أو ابن سيرين، واصحب الفقهاء أو النحويّين، أى هذا مباح لك، تفعل
(١) سورة المائدة ٨٩. وجاء فى النّسخ الثلاث من الأمالى: «فإطعام» بإقحام الفاء، خطأ. وجاء على الصواب فى الأزهية ص ١١٥، وسياق ابن الشجرى متفق مع سياقه، ولست أشك أن ابن الشجرى ينقل عنه، وسبقت دلائل كثيرة. (٢) سورة البقرة ١٩٦.