فالموضوع للتّحضيض مختصّ بالفعل، ماضيا ومستقبلا، وظاهرا ومقدّرا، تقول: لولا أكرمت زيدا، ولولا تكرم جعفرا، كما جاء فى التنزيل:{فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ}(١) و {لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ}(٢).
وقال بعض النحويين: إنّ «لولا» هذه قد استعملت للتوبيخ (٣)، كقوله تعالى:
{لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ}(٤) ومثال تقدير الفعل بعدها، أن يقول لك: جئتك ماشيا، فتقول: فلولا راكبا، تريد: فلولا جئت راكبا، وكذلك إذا قال: سأعطى زيدا، فقلت: فلولا محمدا، أردت: فلولا تعطى محمدا، قال الأشهب بن رميلة:
تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم ... بنى ضوطرى لولا الكميّ المقنّعا (٥)
(١) سورة التوبة ١٢٢. (٢) سورة المائدة ٦٣. وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم ٢/ ٦٩٠ - ٦٩٦، ورحم الله مؤلفه رحمة واسعة سابغة، فقد دلّ الناس على علم كثير. ثم انظر المقتضب ٣/ ٧٦. (٣) يقول ابن مالك عن حروف التحضيض (هلاّ وألا ولولا ولوما): «وقلّما يخلو مصحوبها من توبيخ». التسهيل ص ٢٤٤، وقصر ابن هشام استخدام «لولا» فى التوبيخ على الماضى، وذكر الرضىّ أن معناها إذا دخلت فى الماضى التوبيخ واللوم على ترك الفعل، لكنه قال أيضا: «وقلّما تستعمل فى المضارع أيضا إلاّ فى موضع التوبيخ واللوم على ما كان يجب أن يفعله المخاطب قبل أن يطلب منه». المغنى ص ٢٧٤، وشرح الكافية ٤/ ٤٤٢،٤٤٣، وانظر مراجع تخريج البيت التالى. (٤) سورة النور ١٣. (٥) فرغت منه فى المجلس الخامس والثلاثين، وزد على ما ذكرته هناك: حروف المعانى للزجاجى ص ٤، والأزهية ص ١٧٧، وشرح الحماسة ص ١٢٢١.