قيل: إنه لما استعمل مع الشيئين المتلابسين فى نحو: بينى وبينك شركة، وبينى وبينه رحم وصداقة، صارت لاستعمالها في هذه المواضع بمنزلة الوصلة، وعلى خلاف الفرقة، فلهذا جاء {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} بمعنى: لقد تقطّع وصلكم (١).
ومثل «بين» فى أنه يجرى فى الكلام ظرفا، ثم يستعمل اسما، قولهم:
«وسط» الساكن العين (٢)، ألا ترى أنك تقول: جلست وسط الدار، فتجعله ظرفا، لا يكون إلاّ كذلك، ثم استعملوه اسما فى نحو قول القتّال (٣):
من وسط جمع بنى قريط بعد ما ... هتفت ربيعة يا بنى جوّاب
وقال آخر (٤):
أتته بمجلوم كأنّ جبينه ... صلاية ورس وسطها قد تفلّقا
فجعله مبتدأ وأخبر عنه، كما جرّه الآخر بالحرف الجارّ، وحكى سيبويه:
«هو أحمر بين العينين»(٥).
= ما قطع من الحىّ فهو ميت، من أبواب الأطعمة) ٦/ ٢٧٣، وسنن الدارمى (باب فى الصيد يبين منه العضو، من كتاب الصيد) ٢/ ٩٣، ومسند أحمد ٥/ ٢١٨، والمستدرك ٤/ ١٢٤، وفى تلخيصه للذهبى «ما أبين من البهيمة وهى حيّة فهو ميت». وقد جاء اللفظ الذى استشهد له ابن الشجرى، فى حديث علىّ الذى رواه أبو بكر بن أبى شيبة، قال: «إذا ضرب الصيد فبان عضو لم يأكل ما أبان، وأكل ما بقى». ثم ذكر فى الباب أحاديث أخر. المصنّف (باب فى الرجل يضرب الصيد فيبين منه العضو. من كتاب الصيد) ٥/ ٣٧٣. (١) وعدّه علماء اللغة من الأضداد. راجع أضداد ابن الأنبارىّ ص ٧٥. (٢) راجع الكتاب ١/ ٤١١، والمقتضب ٤/ ٣٤٢ - وحواشيه-وفصيح ثعلب ص ٦٨، والأصول ١/ ٢٠١، وكتاب الشعر ص ٢٥٤، والعضديات ص ١٩٦. والكوكب الدرّىّ ص ٢٠٣، والهمع ١/ ٢٠١، والمزهر ٢/ ٢٩٣، والأشباه ٢/ ٤٣٥. (٣) ديوانه ص ٣٦، وحواشى كتاب الشعر ص ٢٥٥، والعضديات ص ١٥٤. (٤) الفرزدق. ديوانه ص ٥٩٦، وكتاب الشعر ص ٢٥٤، وما فى حواشيه، والعضديات ص ١٥٣. والمجلوم: اسم مفعول، من جلمت الشىء جلما-من باب ضرب-أى قطّعته. وروى: «أتته بمحلوق» من حلق رأسه بالموسى. والفرزدق يصف ذلك الذى يقبح ذكره من أعضاء المرأة. والصّلاءة- ويقال: الصّلاية: المدقّ، وهو الحجر الأملس الذى يسحق عليه شيء. ويأتيك شرح الورس. (٥) لم أجده في الكتاب المطبوع.