فقيل فيه: إنه وضع الواحد موضع الجمع، كقول آخر (١):
كلوا فى نصف بطنكم تعفّوا ... فإنّ زمانكم زمن خميص (٢)
وكقول آخر:
قد عضّ أعناقهم جلد الجواميس (٣)
وقيل: إنه جمع أخ، كجمع أب على الأبين، وحذف النون من «أخون» للإضافة، ومن قال: الأبون والأخون، قال فى التثنية: الأبان والأخان، فلم يردّ اللام فى التثنية، كما لم يردّها فى الجمع، فالياء التى قبل ياء المتكلم فى قوله: أبىّ، ياء الجمع التى فى أبين، لا لام أب، فوزن أبىّ: فعىّ، لا فعلى، وعلى هذا الجمع حملت قراءة من قرأ (٤): «نعبد إلهك وإله أبيك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق» ليكون بإزاء {آبائِكَ} فى القراءة الأخرى، وقد ذكرت هذا الفصل فيما قدّمته من الأمالى.
(١) فى هـ «الآخر» هنا وفى الشاهد التالى. (٢) فرغت منه فى المجلس الثامن والثلاثين. (٣) صدره: تدعوك تيم وتيم فى قرى سبأ وهو لجرير، فى ديوانه ص ١٣٠، ومعانى القرآن ١/ ٣٠٨،٢/ ١٠٢،٢٩٠،٣٥٨، وكتاب الشعر ص ٥٣٠، وتفسير القرطبى ١٠/ ١١٢،١٣/ ١٨١،١٤/ ٢٨٣، والخزانة ٧/ ٥٣٧،٥٦١، واللسان (ضغبس). وأعاده ابن الشجرى فى المجلس السابع والسبعين. (٤) سورة البقرة ١٣٣. وتعزى هذه القراءة إلى ابن عباس والحسن ويحيى بن يعمر-بفتح الميم- والجحدرى وأبى رجاء العطاردى. المحتسب ١/ ١١٢، وتفسير القرطبى ٢/ ١٣٨، والبحر ١/ ٤٠٢، والإتحاف ١/ ٤١٩. وفى توجيه هذه القراءة وجهان، أحدهما أن يكون أفرد وأراد إبراهيم وحده، وكره أن يجعل «إسماعيل» أبا؛ لأنه عمّ. قال أبو جعفر النحاس: هذا لا يجب؛ لأن العرب تسمّى العمّ أبا. والوجه الثانى: أن يكون «أبيك» جمع مذكر سالما، حذفت نونه للإضافة، وهو ما ذكره ابن الشجرى. وراجع معانى القرآن للفراء ١/ ٨٢، وإعراب القرآن للنحاس ١/ ٢١٦، وتفسير الطبرى ٣/ ٩٩، وانظر كتاب الشعر ص ١٨٩، وإيضاح شواهد الإيضاح ص ٥٥.