ومن معانى أبى الطيّب المستحسنة-وإن كان مما سبق إليه-قوله:
ذو العقل يشقى فى النّعيم بعقله ... وأخو الجهالة فى الشّقاوة ينعم (١)
أصل هذا المعنى قول أرسطاطاليس: العقل سبب رداءة العيش (٢)، وأخذه عبد الله ابن المعتزّ فى قوله:
وحلاوة الدنيا لجاهلها ... ومرارة الدنيا لمن عقلا (٣)
وكرّره أبو الطيّب فى قوله:
أفاضل الناس أغراض لذا الزّمن ... يخلو من الهمّ أخلاهم من الفطن (٤)
... ومن ابتداءاته الغزلة (٥) الفائقة قوله:
أريقك أم ماء الغمامة أم خمر ... بفىّ برود وهو فى كبدى جمر (٦)
... ومن بارع ابتداءات المراثى قوله:
نعدّ المشرفيّة والعوالى ... وتقتلنا المنون بلا قتال (٧)
ونرتبط السّوابق مقربات ... وما ينجين من خبب اللّيالى
(١) ديوانه ٤/ ١٢٤. (٢) ذكر الحاتمى أن أصله قول أرسطاطاليس: «العاقل لا يساكن شهوة الطبع لعلمه بزوالها، والجاهل يظن أنها خالدة له وهو باق عليها، فهذا يشقى بعقله، وهذا ينعم بجهله». الرسالة الحاتمية ص ١٥٤. (٣) ديوانه ٢/ ٤١٤. (٤) ديوانه ٤/ ٢٠٩. (٥) فى ط، د: الغزليّة. (٦) ديوانه ٢/ ١٢٣. وسيأتى مرة أخرى فى هذا المجلس. (٧) ديوانه ٣/ ٨ - ٢٠.