فقد أضيفت الخمر إلى نفسها، والشىء لا يضاف إلى نفسه.
والقول فى هذا عندى أنه أراد: كلتا الخمرين، الصّرف والممزوجة، حلب العنب، فناولنى أشدّهما إرخاء للمفصل.
فرّق اللغويّون بين المفصل والمفصل، فقالوا: إنّ المفصل بكسر الميم وفتح الصاد: اللّسان، وهو بفتح الميم وكسر الصاد: واحد مفاصل العظام، وهو فى بيت حسّان يحتمل الوجهين.
... ذكر أبو سعيد السّيرافىّ فى قولهم: «أكلونى البراغيث (١)» ثلاثة أوجه، أحدها: ما قاله سيبويه (٢)، وهو أنهم جعلوا الواو علامة تؤذن بالجماعة، وليست ضميرا.
والوجه الثانى: أن تكون البراغيث مبتدأ، وأكلونى خبرا مقدّما، تقديره:
البراغيث أكلونى.
والوجه الثالث: أن تكون الواو فى «أكلونى» ضميرا على شرط التفسير، والبراغيث بدل منه، كقولك: ضربونى وضربت قومك، فتضمر قبل الذّكر على شرط التفسير، وقد كان الوجه فى قولهم: أكلونى البراغيث على تقديم (٣) علامة الجماعة، أن يقال: أكلتنى البراغيث، لأن البراغيث ممّا لا يعقل، وضمير مالا يعقل كضمير جمع المؤنث، إلاّ أنهم جعلوا البراغيث مشبّهة بما يعقل، حين وصفت بالأكل، فأجريت مجرى ما يعقل، ولذلك نظائر، /منها قوله تعالى:
(١) فرغت منه فى المجلس الموفى العشرين. (٢) الكتاب ١/ ٧٩. (٣) جاء بهامش الأصل: «لعله تقدير» والذى هنا تقدم فى المجلس الموفى العشرين. (٤) الآية الرابعة من سورة يوسف.