قوله:((إن رأى حسنة دفنها)): أي إذا علم مني بفعل حسنةً فعلتها.
((دفنها)): سترها، وغطّاها، وكتمها، ولم ينشرها.
قوله:((وإذا رأى سيئة أذاعها)): أي إذا علم مني بفعل سيئة زللت بها, نشرها، وأظهرها خبراً بين الناس (١) , فهذا والعياذ باللَّه ليس بخليل ولا صديق, إنما [هو] عدوّ غشوم, ظلوم, وحاله هذه: حال المنافقين التي بيّنها اللَّه تبارك وتعالى في كتابه العزيز: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا}(٢).
أصل هذا الدعاء المبارك, أن رجلاً من بني كنانة قال:((صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح, فسمعته يقول: ((اللَّهم لا تخزني يوم القيامة)).
وجاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول هذه الدعوات, فعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال:((كان رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يدعو بهذه الدعوات كلّما سلّم)): ((اللَّهم لا تخزني يوم القيامة, ولا تخزني يوم البأس, فإن من تخزه يوم البأس فقد أخزيته)) (٤).
(١) انظر: فيض القدير، ٢/ ١٤٥، وبداية المبتدئ وهداية السالك، ص ٢١٥ بتصرف. (٢) سورة آل عمران, الآية: ١٢٠. (٣) أحمد في المسند، ٢٩/ ٥٩٦، برقم ١٨٠٥٦، وقال محققو المسند: ((إسناده صحيح))، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير، ٣/ ٢٠، برقم ٢٥٢٤ بلفظ: ((اللهم لا تخزني يوم القيامة، ولا تخزني يوم البأس)). (٤) أخرجه ابن السني قس عمل اليوم والليلة، برقم ١٢٩، وقال محققه سليم الهلالي: <إسناده صحيح>، وأورده ابن أبي حاتم في علل الحديث، برقم ٢٠٦٥.