قِلَّة كانت؛ لأن الأصل بقاء العموم على عمومه، ما لم يأت مخصِّص، ولم يخصِّصِ الشارع بفرد من هذه الأفراد، ولم يحدد نوعاً من أنواع الإقلال، واللَّه - عز وجل - أعلم.
قوله:((الذلة)): أن أكون ذليلاً في أعين الناس يستحقروني، ويستخفّون بشأني, والتذلّل للأغنياء على وجه المسكنة, أو المراد الذلّة الحاصلة من المعصية، والخطيئة (١) , ولا مانع من إرادة الجميع؛ لأنه لم يخصِّص نوعاً من أنواع الذلة كما سبق, وهذا من جوامع الكلم التي أوتيها نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم -.
قوله:((وأعوذ بك أن أظلم)): أعوذ بك أن أعتدي، وأجور في حقٍّ من حقوقك, أو في حقٍّ من حقوق خلقك.
قوله:((أو أُظلم)): أي أعوذ بك أن يقع عليَّ ظلمٌ وبغي, من العباد بغير حقٍّ.
استعاذ - صلى الله عليه وسلم - من هذه الأمور؛ لما فيها من شدّةٍ في النفس، ونقصٍ
في الدين من الإخلال عن كثير من العبادات، والتسخّط على اللَّه - عز وجل -، وعدم الصبر، والقناعة، وإتعاب العقل والبدن بالتفكير والهمّ، والحزن، فلا تطيب الحياة، ولا ترضى النفس.
(١) شرح الأدب المفرد، ٢/ ٣٣٨. (٢) البخاري في الأدب المفرد، برقم ١١٧، وأخرجه النسائي، كتاب الاستعاذة، الاستعاذة من جار السوء، برقم ٥٥١٧، والحاكم، ١/ ٥٣٢، وصححه ووافقه الذهبي، ومسند أبي يعلى، ١١/ ٤١١، برقم ٦٥٣٦، وابن أبي شيبة، ٨/ ٣٥٩، وشعب الإيمان للبيهقي، ٧/ ٨١، والدعوات الكبير له، ١/ ٤٥٨، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، برقم ١٢٩٠، وصحيح النسائي، ٣/ ١١١٨.