وكقوله تعالى عن أيوب:{أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}(١)، والعبد الصالح السالك طريق الأنبياء والمرسلين يحسن به الاقتداء بهم، والأخذ بسننهم في الدعاء) أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ((٢).
فيجمع العبد بين هذه التوسلات العلية في سؤاله ورغبته:
وإذا كان موسى - عليه السلام - قد سأل اللَّه الخير بصيغة الحال، فإنه قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سأل اللَّه - عز وجل - الخير بصيغة الطلب، كما في الحديث العظيم الذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأُمِّنا عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حين قال لها:((عَلَيْكِ بِالْكَوَامِلِ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ ... ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ))، وفي رواية:((عليك بالجوامع الكوامل)) (٣).
تضمنت هذه الدعوة المباركة جملاً من الفوائد منها:
١ - أن الشكوى إلى اللَّه تعالى لا تنافي الصبر، بل من كمال الإيمان باللَّه تعالى، والرضا بقدره.
٢ - على الداعي أن يتوسل إلى اللَّه بأنواع التوسل المشروعة، وإن ذلك من كمال العبودية التي يحبها اللَّه - عز وجل -.
٣ - مشروعية الاستعاذة من الفقر، وأنها سُنَّة الأنبياء والمرسلين،
(١) سورة الأنبياء، الآية ٨٣. (٢) سورة الأنعام، الآية: ٩٠. (٣) سنن ابن ماجه، برقم ٣٨٤٦، مسند أحمد، برقم ٢٥١٣٧، ورقم ٢٥١٣٨، واللفظ له، الأدب المفرد للبخاري، وقد تقدم تخريجه في الدعاء رقم ٢٩، مع التعليق عليه.