وهذا الحديث فيه أن الاستحياء من الله حق الحياء هو حفظ جميع الجوارح عما لا يرضي الله تعالى:
فقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أن تحفظ الرأس)) أي عن استعماله في غير طاعة الله تعالى، بأن لا تسجد لغير الله، ولا تُصلِّي للرياء، ولا تخضع لغير الله، ولا ترفعه تكبراً.
وقوله:((وما وعى)) أي ما جمعه الرأس: من اللسان، والعينين، والأذنين، فيحفظ هذه الجوارح عما لا يحل استعماله:
١ - فَحِفْظُ اللسان: صيامه عن الغيبة، والنميمة، والكذب، والبهتان، وقول الزور، واللغو، والرفث؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من يضمن لي ما بين لَحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة)) (١)، وقال - صلى الله عليه وسلم - حينما سُئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال:((تقوى الله وحسن الخلق))، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال:((الفم والفرج)) (٢).
٢ - وحفظ البصر: صيامه عن النظر إلى ما حرم الله تعالى، قال سبحانه:{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُون * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}(٣).
(١) البخاري، كتاب الرقاق، باب حفظ اللسان، برقم ٦٤٧٤. (٢) الترمذي، كتاب البر، باب ما جاء في حسن الخلق، برقم ٢٠٠٤، وحسّن إسناده الألباني في صحيح الترمذي، ٢/ ٣٧٩. (٣) سورة النور، الآيتان: ٣٠ - ٣١.