والواجب الثاني تجاه الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، الإمساك عن ذكر المساوئ، قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:" إذا ذُكر أصحابي فأمسكوا، وإذا ذُكر القدر فأمسكوا "(١)، يقول السمعاني:" والمراد به: الإمساك عن ذكر المساوئ، لا عن ذكر المحاسن "(٢)، وروي أن عمر بن عبدالعزيز سُئل عما جرى بين الصحابة من القتال وسفك الدماء، فقال: تلك دماء طهر الله يدي عنها، فلا أُحب أن أغمس لساني فيها (٣). وهذا هو منهج السلف الذي ساروا عليه، في التعامل فيما جرى بين الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ:
ـ قال حماد بن زيد: تذاكروا محاسن أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ؛ كي تأتلف عليهم قلوب الناس، ولا تذاكروا مساوئهم، فتحرشوا الناس عليهم. (٤)
ـ وقال أبو الليث السمرقندي: ينبغي للعاقل أن يُحسن القول في الصحابة، ولا يذكر أحداً منهم بسوء؛ ليسلم له دينه.
ـ وروي عن إبراهيم النخعي، أنه سُئل عن القتال الذي وقع بين الصحابة، فقال: تلك دماء قد سلمت منها أيدينا، فلا نلطخ بها ألسنتنا. (٥)
ورحم الله بشراً الحافي حين قال: أرجو أن أقدم على محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا أُخزى في أصحابه غداً. (٦)
ومن هنا قال السمعاني: فالأولى في هذا حفظ اللسان، وتسليم أمرهم إلى الله تعالى (٧)
(١) رواه الطبراني في المعجم الكبير، ح (١٤٢٧)، وصححه الشيخ الألباني، في صحيح الجامع الصغير: ١/ ٢٠٩ (٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٤٠٣ (٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٤٠٣ (٤) الخلال: السنة: دار الراية، الرياض، ط ١، ١٤١٠ هـ (٣/ ٥١٢) (٥) السمرقندي: بستان العارفين: المكتبة العصرية، بيروت، ١٤٢٤ هـ، (١٠٣) (٦) الخلال: السنة: ٢/ ٤٨٠ (٧) - السمعاني: قواطع الأدلة: ١/ ٣٤٢