وقد يُطلق الفسق ويراد به الكفر، قال تعالى:{قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ}[التوبة:٥٣]، يقول السمعاني:" والفسق ها هنا هو الكفر". (١)
وقد قيل: أصل كل كفر الكسل، ولذلك عَبَّر الله جل وعلا بالكسل حين ذكر صلاة المنافقين، فقال:{وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى}[التوبة:٥٤]، أي: متثاقلين، قال السمعاني:" فإن قيل: كيف ذكر الكسل في الصلاة، ولا صلاة أصلاً؟ قلنا: الذم واقع على الكفر الذي يبعث على الكسل، فإن الكفر مكسل، والإيمان منشط، ويُقال: أصل كل كفر الكسل ". (٢)
والكفر ناشئ عن الاستكبار، لذلك قال تعالى:{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا}[الأعراف:٣٦]، قال السمعاني:" إنما ذكر الاستكبار؛ لأن كل مكذب، وكل كافر مستكبر، وإنما كذب وكفر تكبراً "(٣)، ولما كان كذلك، كان كل كافر بالله تعالى خاسراً، كما قال تعالى:{وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ}[غافر:٨٥]، وكل كافر بالله تعالى ذليل، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ}[المجادلة:٢٠]، أي: الأقلين، وكل كافر ذليل، وكل مؤمن عزيز. (٤)
وأول من سن الكفر إبليس، يقول السدي: ما من كافر يدخل النار، إلا وهو يلعن إبليس؛ لأنه أول من سن الكفر. (٥)
(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٣١٧، يقول السمعاني في سبب تسمية الكافر فاسقاً في قوله: {وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة:٨١]، قيل معناه: خارجون عن أمر الرب، والكفار خارجون عن كل أمره، وقيل: معناه: متمردون، أي: هم مع كفرهم متمردون. تفسير السمعاني: ٢/ ٧ (٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٣١٧ (٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ١٧٩ (٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٣٥ - ٣٩٣ (٥) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٤٩