٤ ـ واستدل القدرية بقوله تعالى:{سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا}[الأنعام:١٤٨]، وقد بيَّن السمعاني وجه استدلالهم، فقال:" استدل أهل القدر بهذه الآية، فإنهم لما قالوا: " لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا " كذبهم الله تعالى، ورد قولهم، فقال: " كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ " "(١)، ورد عليهم السمعاني استدلالهم بقوله:" قيل: معنى الآية: أنهم كانوا يقولون الحق، إلا أنهم كانوا يعدون ذلك عذراً لهم، ويجعلونه حجة لأنفسهم في ترك الإيمان، فالرد عليهم كان في هذا، بدليل قوله تعالى بعده {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ}[الأنعام:١٤٩]، أي: الحجة بالأمر والنهي باقيه له عليهم، وإن شاء أن يشركوا " فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ " ولو لم يحمل على هذا، لكان هذا مناقضة للأول. وقيل: إنهم كانوا يقولون: إن الله أمرنا بالشرك، كما قال في الأعراف:{وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا}[الأعراف:٢٨]، وكأن قوله " لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا " أي: هو الرب أمرنا بالشرك، فالرد في هذا، لا في حصول الشرك بمشيئته، فإنه حق وصدق، وبه يقول أهل السنة ". (٢)
٥ ـ ومن العجيب من ذكره السمعاني، أن القدرية صحفوا قوله تعالى:{قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ}[الأعراف:١٥٦]، إلى قوله:(أصيب به من أساء) من الإساءة، قال السمعاني:" وليس بشيء". (٣)
(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ١٥٤ (٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ١٥٤ (٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٢٢١