وكذا حمل السمعاني ما ورد عن نبينا الأكرم عليه الصلاة والسلام، ففي قوله تعالى:{وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}[محمد:١٩]، قال:" فإن قيل: كيف أمره بالاستغفار، وكان معصوماً من الذنوب؟. والجواب: أنه كان لا يخلو من الخطأ والزلل، وبعض الذنوب التي هي من الصغائر، فأمره الله بالاستغفار منها "(١)، ومثله في قوله تعالى:{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}[الفتح:٢]، قال السمعاني:" فإن قال قائل: فأي ذنب كان له؟ قلنا: الصغائر، وكان معصوماً من الكبائر "(٢)، وبمثل هذه الآيات تمسك من جَوَّز الصغائر على الأنبياء، فأمرهم بالاستغفار عن الصغائر، ومن لم يُجوِّز الصغائر عليهم، قال: إنه أمر بالاستغفار تعبداً؛ لينال بذلك رضي الله تعالى، ويقتدي به ما يأتي من بعده. والصحيح: ما رجحه السمعاني، وهو ما عليه الجماهير.
فالعصمة إذن:" حفظ الله تعالى ظواهر الرسل وبواطنهم، مما تستقبحه الفِطر السليمة، قبل النبوة، وحفظهم من الكبيرة، وصغائر الخِسة بعدها، وتوفيقهم للتوبة والاستغفار من الصغائر، وعدم إقرارهم عليها "(٣)، ولذا قال السمعاني في وصف الله تعالى ليحيى " وَحَصُورًا "، بأنه الممتنع من الوطء مع القدرة عليه. قال واختاروا هذا القول لوجهين:
١ ـ أنه يكون أقرب إلى استحقاق الثناء.
٢ ـ أنه يكون أبعد من إلحاق الآفة بالأنبياء، لبعدهم عن الآفات. (٤)
وأما وقوع الخطأ والسهو منهم عليهم الصلاة والسلام، فهو واقع لبشريتهم، يقول السمعاني: وأما الخطأ والسهو، فيجوز وقوع ذلك من الأنبياء (٥)
(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ١٧٨ (٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ١٩٠ (٣) أحمد عبداللطيف: عصمة الأنبياء بين المسلمين وأهل الكتاب: رسالة ماجستير، جامعة أم القرى، ١٤٠٢ هـ، مخطوط لم يطبع بعد، (٢٤)، وقد رجح السمعاني في تفسير قوله تعالى: " وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ " ما يوافق العصمة: ٤/ ٢٨٧. (٤) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣١٦ (٥) - السمعاني: قواطع الأدلة: ١/ ٣٠٣