الثانية: كيف صح استثناؤه، وهو جني من الملائكة؟ قيل: عمل على حكم التغليب، في إطلاق اسم الملائكة عليهم وعليه، فأخرج الاستثناء على ذلك، كقولك: خرجوا إلا فلانة، لامرأة بين الرجال. (١)
٤ ـ حكى الرازي في تفسيره الخلاف، وبيَّن الأدلة، ورجح أن إبليس ليس من الملائكة (٢)، وهذا القول هو الراجح ـ والعلم عند الله تعالى ـ، وهو المروي عن الحسن والزهري، وابن زيد، ورجحه الزجاج (٣)، وابن حزم، وقال:" وقد ادعى قوم أن إبليس كان ملكاً فعصى، حاشا لله من هذا؛ لأن الله قد كذب هذا القول بقول تعالى {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ}[الكهف:٥٠]، وبقوله:" أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي " وبإخباره أنه خلق إبليس من نار السموم، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " خلقت الملائكة من نور" (٤)، والنور غير النار بلا شك، فصح أن الجن غير الملائكة، والملائكة كلهم خيار مكرمون بنص القرآن، والجن والإنس فيهما مذموم ومحمود "(٥).
(١) الزمخشري: الكشاف: ٣/ ٩١ (٢) الرازي: مفاتيح الغيب: ٢/ ٢٤٨ (٣) الزجاج: معاني القرآن: ١/ ١١٤ (٤) أخرجه مسلم في صحيحه، باب في أحاديث متفرقة، ح (٢٩٩٦) (٥) ابن حزم: الفِصل: ٤/ ٢٨