وقال الثعلبي:"وألقي السحرة ساجدين لله، حيث عرفوا أن ذلك أمر سماوي وليس سحراً"(١)، وقال البغوي:"وألقي السحرة ساجدين لله"(٢)، وهو المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: خروا لله سامعين مطيعين (٣).
الثاني: أنهم سجدوا لموسى؛ تسليما له، وإيمانا به، حكاه الماوردي في تفسيره (٤).
واختلف المفسرون في كيفية وقوع السجود منهم على قولين:
الأول: أن الله جل وعلا ألهمهم أن يسجدوا فسجدوا.
الثاني: قيل أن موسى وهارون سجدا شكرا لله تعالى، فوافقهم السحرة.
وحكى هذين القولين الإمام السمعاني في تفسيره (٥).
وأشار في مقام آخر في السجود الذي وقع منهم، فقال:"يجوز أن يكون معناه: وقعوا ساجدين، ويجوز أن يكون معناه: ألقاهم الحق الذي رأوه"(٦).
وقال الأخفش:"من سرعة ماسجدوا كأنهم أُلقوا"(٧)، ولذا هم لم يجبروا على السجود، وإنما سجدوا باختيارهم، فإنهم من عظيم ماعاينوا من الآيات، كأنهم صاروا مفعولين في الإلقاء، فاضطرهم ذلك إلى مبادرة السجود (٨)، ولذا قال الرازي:"فليس المراد منه أنهم أُجبروا على السجود، وإلا لما كانوا محمودين، بل التأويل فيه ماقال الأخفش"(٩).
المسألة الخامسة:
لما كان السجود بهذه المثابة العظيمة، وبهذه المكانة والمنزلة الجليلة الكريمة، فإن القرآن عبَّر عن الصلاة التي هي أهم أركان الإسلام، بهذا الركن العظيم في مواطن كثيرة، وقد تتبع الإمام السمعاني بعض هذه المواطن، وأشار إلى خلاف العلماء فيها، ومنها: