وانفكّ لازم فكَّ الشيء، أي: فصله عن غيره بشدة , وهو يأتي على وجهين بمعنى انفصل فيحتاج إلى فاعل فحسب، فيأتي [مفتقراً](١) إلى اسم وخبر ككان، ويلزمه حرف ... النهي، ومعناه: لا يزال (٢).
{حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١)}: القرآن، هذا قول قتادة (٣).
وقيل:{مُنْفَكِّينَ} مفارقين بعضهم بعضاً، أي: متفرقين، ودل على ذلك قوله: ... {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ}.
وقيل: معنى الآية: لا يؤمنون حتى يتبين لهم الحق.
الفَرَّاء:" لم يكونوا تاركين لصفة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وفي كتابهم أنه نبي حتى ظهر، فلما ظهر تفرقوا واختلفوا "(٤)، كقوله:{فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ}[البقرة: ٨٩].
ابن جرير:" لم يكونوا متفرقين في أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - حتى تأتيهم البينة، أي: إرسال الله إياه إلى خلقه "(٥).
وعلى هذين القولين لا يحسن عطف {الْمُشْرِكِينَ} على {الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}؛ لأن المشركين لم يكونوا مؤمنين به.
وقيل: لم يكونوا ليتركوا منفكين عن حجج الله وتبيانه (٦) حتى تأتيهم الحجج ودلالاته فتقوم الحجة عليهم.
وقيل: لا ينفكون عن كفرهم حتى يأتيهم (٧) كتاب من السماء كقوله: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ}[النساء: ١٥٣].
(١) في النُّسختين " مُفْتَقِرَة ". (٢) انظر: جامع البيان (٣٠/ ٢٦٢)، غرائب التفسير (٢/ ١٣٦٩). (٣) انظر: جامع البيان (٣٠/ ٢٦٣). (٤) انظر: معاني القرآن (٣/ ٢٨١). (٥) انظر: جامع البيان (٣٠/ ٢٦٢). (٦) في (ب) " وبيانه ". (٧) في (أ) " تأتيهم ".