وروى أبو بُردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:((إذا كان يوم القيامة مُثِّلَ لكل قومٍ ما كانوا يعبدون في الدنيا، وذهب كلُّ قومٍ إلى ما كانوا يعبدون في الدنيا، فيبقى (١) أهل التوحيد، فيقال لهم: ما تنتظرون قد ذهب الناس، فيقولون إنَّ لنا ربَّاً كنَّا نعبده في الدنيا لم نره، قال: وتعرفونه إذا رأيتموه، فيقولون: ... نعم، فيقال له: وكيف تعرفونه ولم تروه، قالوا: إنَّه لا شبيه له، فيكشف لهم ... الحجاب فينظرون إلى الله - تعالى -، فيخرِّون له سُجَّداً، ويبقى أقوامٌ ظهورهم مثل صياصي البقر (٢)، فيريدون السجود فلا يستطيعون، فيقول الله: عبادي ارفعوا رؤوسكم فقد جعلت بدل كلِّ واحدٍ منكم واحداً من اليهود والنصَّارى في النار)) (٣).
قال أبو بردة: فحدَّثُتُ بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز فقال، آلله الذي لا إله إلا هو لحدَّثك (٤) بهذا الحديث أبوك، فحلفت له ثلاثة أيمان فقال عمر: ما سمعت في أهل التوحيد حديثاً هو أحبُّ إليَّ من هذا " (٥).
وقيل: هذه استعارة؛ لأنَّ الرَّجل إذا وقع في الشِّدة يقال: شَمَّر ساقه.
ويحتمل: أنَّ هذا في الدنيا وقت النَّزع من قوله: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} [القيامة: (٢٩)].
وقوله:{وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ} أي: دعتهم أنفسهم إلى الإيمان {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢)} ... لذهاب زمان التكليف، والعلم عند الله.
(١) في (ب) " يبقى ". (٢) صياصي البقر: أي قرونها، واحدتها صِيْصَةٌ [انظر: النِّهاية (٣/ ٦٧)، مادة " صَيَصَ "، لسان العرب (١٤/ ٤٧٣)، مادة " صَيَا "]. (٣) أخرجه أبو الليث السمرقندي في تفسيره (٣/ ٤٦٣)، وأورده السُّيوطي في الدُّرِّ المنثور (١٥/ ١١٩)، وعزاه لابن عساكر. (٤) في (أ) " حدَّثك ". (٥) انظر: تفسير السمرقندي (٣/ ٤٦٣).