وقيل: معنى {نَشْهَدُ}: نحلف؛ ولهذا وقع بعده {إِنَّ}، واللام.
وقيل: معنى {نَشْهَدُ}: نعلم (١).
{وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ}: لأنه أرسلك إلى الخلق.
وهذا اعتراض، وهو من كلام الله سبحانه، فيه تعظيمٌ لنبيّه - عليه السلام -.
{وَاللَّهُ يَشْهَدُ}: قيل: يحلف. وقيل: يعلم.
{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (١)}: في قولهم: {نَشْهَدُ}؛ لأنَّهم لا يشهدون إذا خلوا، بل يقولون:{إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}[البقرة: ١٤].
وهذا كما يقول (٢) الرجلُ: أنا أقرأ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة: ٢]، أو أكتب:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص: ١]، أو: سمعت زيداً يذهب.
فتقول له: كذبتَ، أي: لا تقرأ أو لا تكتب ولا تسمع (٣)، ولا يكون ذلك مصروفاً إلى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ}، ولا إلى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، ولا إلى قوله: زيدٌ يذهب.
وليس هذا كما زعم بعضُهم أن الكذبَ مصروفٌ (٤) إلى قوله سبحانه: {إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ}، وأنهم قالوا غير ما في ضميرهم؛ لأن التصديقَ والتكذيبَ والصدقَ والكذبَ يحملان على الخبر لا غير.
والخبر ها هنا {نَشْهَدُ}، وقد كذبوا فإنهم لا يشهدون إذا خلوا إلى شياطينهم.
(١) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ١٣)، تفسير أبي السُّعود (٦/ ٢٥٠). (٢) في (ب) " تقول ". (٣) في (أ) " ولم تسمع ". (٤) في (أ) " مصروفاً " بالنصب، وهو خطأٌ؛ لأنه جواب (أنّ)، وجواب أنّ يكون مرفوعاً، واسمها يكون منصوباً، عكس معمولي الفعل الناسخ (كان) وأخواتها.