وصفوا بالرَّحمة خلافَ اليهود الذين وُصفوا بالقسوة.
{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا}: أي: ابتدعوا رهبانيّةً ابتدعوها، فهي منصوبةٌ بفعلٍ دلَّ عليه ما بعده (١).
والرهبانيَّة: من الرَّهبة، ومعناها: البلوع في النُسك أعلى المبالغ مع الانقطاع عن النَّاس وملاذّ الدنيا.
وقيل: هي التبتّل والخَلوة بالعبادة، ابتدعوها من تلقاء أنفسهم، لم يؤمَروا بها (٢).
الابتداعُ: أحداثُ شيءٍ على غيرِ مثالٍ سابقٍ (٣).
ابن عبّاس- رضيَ الله عنهما -: "هم قومٌ رأوا المنكرَ فلم يقدروا على تغييره فساحوا (٤) في الأرض ولزموا البراري "(٥).
قتادة:"رفضوا النساء واتّخذوا الصوامع "(٦).
{مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ}: لم نأمرْهم بها ولم نوجبْها عليهم.
{إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ}: أي: ما كتبناها عليهم ولم يفعلوها إلاّ ابتغاءَ مرضاة الله، فهو نصبٌ على أنها مفعولٌ له (٧).
الزّجاج هو:"بدل من الهاء في قوله: {مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} "(٨)، فيكون مفعولاً به.
(١) انظر: معاني القرآن؛ للزَّجَّاج (٥/ ١٠٣)، إعراب القرآن؛ للنَّحَّاس (٤/ ٢٤٤). (٢) انظر: تفسير السمعاني (٥/ ٣٧٩)، لسان العرب (١/ ٤٣٦)، مادة " رَهَبَ "، التَّسهيل (٤/ ١٠٠). (٣) انظر: التعريفات (ص: ٣٣)، الكليات (٢٢٦). (٤) في (ب) " ساخوا ". (٥) لم أقف عليه من كلام ابن عباس - رضي الله عنهما - بهذا اللفظ، وقد أخرجه ابن جرير بمعناه مطولاً في جامع البيان (٢٧/ ٢٤٠). (٦) انظر: النُّكت والعيون (٥/ ٤٨٤). (٧) انظر: إعراب القرآن؛ للنَّحَّاس (٤/ ٢٤٥)، البحر المحيط (١٠/ ١١٦). (٨) معاني القرآن (٥/ ١٠٣).