وقيل: بل عجبت يا محمد من القرآن حين أُعْطِيتَه ويسخر أهل الكفر منه (١).
ومن قرأ بالضم (٢) فلذلك وجهان:
أحدهما: أن المعنى: حَلُّوا محل من يُتَعَجَّب منهم، والعجب على الله غير جائز، ومنهم من أجاز لفظ التعجب وحمله على مثل {وَمَكَرَ اللَّهُ}[آل عمران: ٥٤] و {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}[البقرة: ١٥] ومثله {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ}[الرعد: ٥] وقال صلى الله عليه وسلم" يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة"(٣).
وقيل: العجب أن يرى الإنسان ما ينكره، فيجوز على هذا القول أن الله أنكر ما عليه الكفار (٤).
(١) قاله قتادة. انظر: النكت والعيون (٥/ ٤١). (٢) قراءة الضم (بل عَجِبْتُ) قرأ بها حمزة، والكسائي، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن عباس، رضي الله عنهم أجمعين، واختارها الفراء، حيث قال في معاني القرآن (٢/ ٣٨٤) "قرأها الناس بنصب التاء ورفعها، والرفع أحب إلي"، ثم نقل عن القاضي شريح إنكاره لهذه القراءة. والمعنى على هذه القراءة: الإخبار عن الله تعالى. وقرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر بالفتح (بل عجِبْتَ) (٣) أخرجه الإمام أحمد في المسند (٢٨/ ٦٠٠)، ح: ١٧٣٧١، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، وفيه عبد الله بن لهيعة، وهو ضعيف. انظر: تهذيب التهذيب (٥/ ٣٣١). (٤) ومذهب أهل السنة والجماعة إثبات صفة التعجب لله تعالى على مايليق به سبحانه، كما جاء في صفة المكر والاستهزاء. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (٦/ ١٢٣) "والله بكل شيء عليم فلا يجوز عليه أن لايعلم سبب ما تعجب منه؛ والله تعالى يعظم ما هو عظيم؛ إما لعظة سببه أو لعظمته .. ، ولهذا قال (بل عجبت ويسخرون) على قراءة الضم، فهنا هو عجب من كفرهم مع وضوح الأدلة" أ. هـ بتصرف يسير.