والجمهور على أنه: المجاهر بقطع الطريق، وكذلك المكابر باللصوصية في المصر وغيرها.
{أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} فالقتلُ لمن قتلَ، وأفاد التشديد: الواحد بعد الواحد، والصلبُ لمن قَتَلَ وأخذَ المال، وهو أن يُشَدَّ مستوياً على خشبة مرفوعة، والقطع لمن أخذ المال ولم يَقْتُل، وهو أن يقطع يده اليمنى ورجله اليسرى، والنفي لمن أخاف الطريق فحسب، وهو إخراجه من بلاد المسلمين إلى بلاد الكفر، وقيل: إلى بلد غير بلده، وقيل: يحبس في السجن، وقيل: يهدر دمه، وهو أن يقال لا قَوَدَ على من قتله، وقيل: الإمام بالخيار أيها شاء فعل (١).
{ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا}، فضيحة وهوان (٢)، {وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣٣) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٤)} فالتائب: إن كان من أهل الشرك: فتوبته الإسلام، وليس عليه حد في الدنيا ولا عذاب في الآخرة، وإن كان من أهل الإسلام: سقط من الحد ما كان لله، وما كان حق الآدمي كالقَوَدِ فهو إلى الولي إن شاء اقتص وإن شاء عفا، وإن تاب بعد الظفر لا تقبل توبته ولا يسقط حده ولا يصح عفوه.
(١) انظر الأقوال في جزاء المحاربين عند البغوي في تفسيره ١/ ٦٦٨ - ٦٦٩، وابن عطية في «المحرر الوجيز» ٤/ ٤٢٥ - ٤٢٦، وابن كثير ٥/ ١٩٤. (٢) في (جـ): (ذلك لهم خزي) فضيحة وهوان (في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم). (٣) «مجاز القرآن» ١/ ١٦٤. (٤) نقله الثعلبي ٤/ ٥٩ عن عطاء، ولم أجده عن الدمياطي. وروى الإمام مسلم في صحيحه (رقم ٣٨٤) من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلّوا عليّ، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه= =بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلةٌ في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلّت عليه الشفاعة).