فحمد الله معناه: وصفه بصفات الكمال، ونعوت الجلال، وتسبيح الله: تنزيهه عن صفات النقص والعيب، ومماثلة المخلوقين، فإذا اجتمع التسبيح والتحميد تحقق التوحيد، ولهذا قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات: ١٨٠ - ١٨٢] فجمع بين التسبيح والتحميد. وفي حديث أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ ﵁ مرفوعًا:"وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ - أَوْ تَمْلَأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ"(١)
قوله:"فما زال يسبح حتى عُرف ذلك في وجوه أصحابه" أي: عُرف التأثر في وجوه أصحابه، فأصحابه ﷺ يغضبون لغضبه ﷺ، ويرضون لرضاه، فلما رأوا نبيهم، وحبيبهم، قد لحقه هذا التأثر، تأثروا لذلك، وظهر ذلك في وجوههم، لكمال إيمانهم بربهم، ومحبتهم لنبيهم.
قوله:"ثم قال النبي ﷺ: "ويحك" " كلمة زجر، مثل: ويلك، لكنها ألطف وقعًا؛ التماسًا للعذر للمتكلم، بسبب جهله.
قوله:"أتدري ما الله؟ " هذا استفهام إنكاري، فيه إشارة إلى قلة علم المخاطب بالله، وغلبة الجهل عليه، وحصول الجفاء منه.
قوله:"إن شأن الله أعظم من ذلك؛ إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه" أي: وصفه، ومقامه، وما ينبغي له سبحانه، أعظم مما ظننت من جواز الاستشفاع به على خلقه.
وهذا الذي وقع من الأعرابي بسبب الجهل والجفاء، لا يزال -إلى يومنا هذا- يقع من قليلي العلم، جفاة الطباع، من السوقة، والفساق، وأهل الغفلة.
قوله:"رواه أبو داود" ورواه ابن أبي عاصم (٢)، والطبراني (٣)، والبغوي (٤)، وابن خزيمة (٥)، والبيهقي (٦)، وقد اختلف في ثبوته، فقواه ابن القيم ﵀،
(١) (أخرجه مسلم في باب فضل الوضوء، برقم: (٢٢٣) (٢) السنة لابن أبي عاصم، برقم (٤٦٦). (٣) المعجم الكبير - الطبراني (٢/ ١٦٨). (٤) مصابيح السنة برقم (٤٤٥٥). (٥) التوحيد وإثبات صفات الرب ﷿ لابن خزيمة برقم (١٤٨). (٦) الأسماء والصفات للبيهقي (٢/ ٣١٨).