ثانيهما:"عائل مستكبر" فالفقر لا يوجب الكبر، بل ضد ذلك.
الخامسة: ذم الذين يحلفون، ولا يُستحلفون.
لكن هذا ليس على إطلاقه، فقد حلف النبي ﷺ ولم يستحلف في مواضع عدة، بل أمره الله سبحانه أن يحلف في ثلاثة مواضع من القرآن بدون أن يستحلف، في قوله: ﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي﴾ [يونس: ٥٣]، وقوله: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ﴾ [التغابن: ٧] وفي قوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾ [سبأ: ٣]، وذلك لغرض التأكيد.
السادسة: ثناؤه ﷺ على القرون الثلاثة أو الأربعة، وذكر ما يحدث بعدهم.
لقوله:"خير الناس" أو "خير أمتي" فهذا التخيير شهادة نبوية لأهل تلك القرون، ولا شك أن السلف خير من الخَلَف، وإنما ظهرت البدع وانتشرت في الخَلَف، وبذلك يتبين بطلان عبارة المتكلمين:"مذهب السلف أسلم، ومذهب الخلف أعلم وأحكم" فيقال: هذه كلمة متناقضة، لأن السلامة ثمرة للعلم والحكمة، فكيف تصفون السلف بالسلامة، ولا تصفونهم بالعلم والحكمة، وأنى للخلف أن يوصفوا بالعلم والحكمة، ولا يوصفون بالسلامة؟ فلو كان عندهم علم وحكمة لسلموا، لكنهم وقعوا في مزالق خطيرة، حيث رغبوا عن طريقة السلف الصالح، واختاروا لأنفسهم طرق دخيلة. فمذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم.
السابعة: ذم الذين يشهدون ولا يستشهدون.
لدلالته على المسارعة، وهذا إذا لم يحتج إلى شهادتهم، فإذا دعوا للشهادة لزم القيام بها، وحرم كتمانها، قال تعالى: ﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ [البقرة: ٢٨٢]، وقال: ﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ [البقرة: ٢٨٣]