للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: الكتابة: وهي الاعتقاد الجازم بكتابة الله تعالى للمقادير، قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.

الثالثة: المشيئة: وهي الاعتقاد الجازم بمشيئة الله النافذة، وقدرته الشاملة، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا راد لما قضى ..

الرابعة: الخلق: وهي الاعتقاد الجازم بأن الله خالق كل شيء، فالله الخالق، وما سواه مخلوق. خلق جميع الأشياء؛ ذواتها، وصفاتها، وحركاتها.

فلا يتم إيمان امرئ بالقدر حتى يجمع هذه الأربع؛ فمن أنكر شيئاً منها، فقد أنكر القدر. والمنكرون للقدر على درجتين:

الدرجة الأولى: غلاة القدرية:: وهم: "أتباع معبد الجهني" الذي ظهر في البصرة، كانوا ينكرون مراتب القدر الأربع، ويقولون: الأمر أنف! ولا قدر!، والله أمر، ونهى، ولا يعلم من سيطيعه ومن سيعصيه، ولم يكتب، ولم يشأ، ولم يخلق أفعال العباد. وهذه مقالة شنيعة تستلزم إنكار علم الله، وهذا وصف له بالجهل، وإنكار مشيئته وخلقه، وهذا وصف له بالعجز. وكلاهما معلوم من الدين بالضرورة، فإنكارهما كفر صريح.

الدرجة الثانية: المعتزلة: الذين أثبتوا العلم والكتابة، وأنكروا المشيئة والخلق لأفعال العباد. فقالوا: عَلِم وكَتَب، لكن لم يشأ ولم يخلق؛ فللعبد مشيئة مستقلة عن مشيئة الله، وله فعل مستقل عن خلق الله، تعالى الله عما يقولون. فيلزمهم وصفه بالعجز.

وأما أهل الحق فقد هُدوا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، فأثبتوا جميع هذه المراتب، ولا شك أنه لا يتم إيمان امرئ إلا بالإيمان بالقدر بمراتبه الأربع.

وقد ساق المصنف تعقيب ابن عمر على روايته لحديث جبريل المشهور، فعَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>