وليستغفره من ظنه بربه ظن السوء (١). ولو فتشت من فتشت لرأيت عنده تعنتاً على القدر، وملامة له، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا، فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك هل أنت سالم؟
لما كان حسن الظن بالله ﷿ من مقتضيات الإيمان والتوحيد، وجب على المرء أن يحسن الظن بربه؛ في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وقدره، وشرعه، فمن ظن بالله السوء كظن أهل الجاهلية، فقد كفر.
وحسن الظن بالله في ذاته: أن يعتقد أن لله المثل الأعلى، والكمال المطلق، فليس كمثله شيء. وحسن الظن بالله في أسمائه: أن يعتقد أن له الأسماء الحسنى التي بلغت في الحسن غايته.
وحسن الظن بالله في صفاته: أن يعتقد أن صفاته كاملة، لا نقص فيها بوجه من الوجوه.
وحسن الظن بالله في قدره: أن يعتقد أن الله حكم عدل لا يظلم مثقال ذرة، وأنه حكيم.
وحسن الظن بالله في شرعه: أن يعتقد أن أمره ونهيه عين الحكمة والمصلحة لكل جيل وقبيل.
فهذا الذي ينبغي أن ينطوي عليه قلب المؤمن، وأما إن كان غير ذلك فهو ظن الجاهلية. ولهذا قال في الحديث القدسي:"أنا عند ظن عبدي بي"(٤)، فإذا
(١) بنحوه في زاد المعاد في هدي خير العباد (٣/ ٢٠٥ - ٢٠٦). (٢) البيت في ديوان ذو الرمة (ص: ٣٥٠) ونسبه في نهاية الأرب في فنون الأدب (٣/ ٧٥) للفرزدق. (٣) زاد المعاد في هدي خير العباد (٣/ ٢١١). (٤) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ [آل عمران: ٢٨] برقم (٧٤٠٥) ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب الحث على ذكر الله تعالى برقم (٢٦٧٥).