للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السِّمة، أي العلامة، فهو علامة على حامله، أو من السُّمو، وهو العلو. فلله تعالى أسماء، كما أثبت ذلك في أربعة مواضع من القرآن: أحدها هذا الموضع في سورة الأعراف، والثاني: قوله: ﴿فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الإسراء: ١١٠]، والثالث: قوله: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [طه: ٨]، والرابع: قوله: ﴿لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الحشر: ٢٤].

وأسماؤه تعالى حسنى. أي: بلغت الغاية في الحسن؛ لأن حسنى، على وزن "فعلى"؛ صيغة مبالغة. وهذا معنى قول الله تعالى: ﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾ [الروم: ٢٧] ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾ [النحل: ٦٠]، ذلك أن كل اسم من أسماء الله قد بلغ الغاية في معناه، فلا يماثله، ولا يقاربه أحد ممن شاركه في اللفظ، ولا يمكن أن يقع اشتراك في الحقيقة، فالوصف التام الكامل لله . مثال ذلك: من أسماء الله السميع، يدل على كمال سمعه، فلا يخفى عليه شيء من الأصوات، كما قالت عائشة : "الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة إلى النبي ، وأنا في ناحية البيت، تشكو زوجها وما أسمع ما تقول، فأنزل الله: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾ [المجادلة: ١] " (١). والمخلوق سميع، وله صفة السمع، فيقع اشتراك في اللفظ، وفي أصل المعنى، الذي هو إدراك الأصوات. لكنه اشتراك في الذهن، أما خارج الذهن، فلا يمكن أن يقع اشتراك؛ لأنه إذا أضيفت صفة السمع لله اختص به، فصار سمعاً مطلقًا يليق به، ولا يشاركه فيه أحد، وإذا أضيفت للمخلوق، صار سمعاً محدودًا يليق به.

قوله: ﴿فَادْعُوهُ بِهَا﴾ هذه ثمرة العلم بأسماء الله الحسنى، فيجب علينا أن ندعوه بها.

ودعاء الله تعالى نوعان:

الأول: دعاء المسألة: وهو أن يقدم الإنسان بين يدي مسألته اسماً من


(١) أخرجه ابن ماجه في افتتاح الكتاب في الإيمان وفضائل الصحابة والعلم، باب فيما أنكرت الجهمية برقم (١٨٨) وصححه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>