٤ - أن من الشكر أن يُسمى الولد باسم معبد لله؛ ولهذا قال النبي ﷺ:"إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن"(١)، وقال:"وأصدقها حارث وهمام"(٢)، فكونها أحب إلى الله، لما فيهما من إظهار عبوديته. وللإنسان -بحمد لله- في هذا مسرح، فلو رُزق بتسع وتسعين ابناً لوسعه أن يُعبِّدهم لله ﷿. حتى إن من العلماء من سمى ابنه عبد المصور، وقال: لعلي لم أسبق إلى هذا (٣)، فينبغي للإنسان أن يحب هذه الأسماء المعبدة لله، الدالة على الإخلاص له، وأن لا يزهد فيها، وينزع إلى الأسماء الأخرى، مع أن في الأمر سعة؛ ولهذا قال النبي ﷺ:"وأصدقها حارث وهمام"، فلو تأملت لوجدت كل إنسان يدب على وجه الأرض، حارثًا وهمامًا؛ لأن الحرث يدل على الفعل، والهم يدل على الإرادة، والإنسان لا يخلو من إرادة وفعل. فما من إنسان إلا عنده هم، سواء كان همه قوياً أو ضعيفاً، وما من إنسان إلا وهو حارث، وليس المقصود حراثة الأرض فقط، وإنما الحرث الفعل، سواء كان حرثه قوياً أو ضعيفاً. قال:"وأقبحها حرب ومرة"(٤)، وتأمل ذوق النبي ﷺ! فهو ذوق رفيع؛ كره أن يُسمي الإنسان ابنه حربًا، لما فيه من العدوان، و (مُرة) فإن المرارة مذمومة. ومن تأمل في بعض أسماء الناس، وجد أسماء كثيرة تلتحق بحرب، وأسماء كثيرة تلتحق بمرة، فينبغي أن يكون مزاج المؤمن مزاجاً إيمانياً، مقارباً لمزاج النبي ﷺ، فيكون هواه تبعاً لما جاء به.
(١) أخرجه مسلم في كتاب الآداب، باب النهي عن التكني بأبي القاسم وبيان ما يستحب من الأسماء برقم (٢١٣٢). (٢) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في تغيير الأسماء برقم (٤٩٥٠) وصححه الألباني. (٣) وهو الشيخ ناصر الدين الألباني ﵀، حيث قال في سلسلة الأحاديث الضعيفة (٢/ ١٤): "وإن من توفيق الله ﷿ إياي أن ألهمني أن أعبد له أولادي كلهم، وهم: عبد الرحمن، وعبد اللطيف، وعبد الرزاق، من زوجتي الأولى -رحمهما الله تعالى- وعبد المصور، وعبد الأعلى، من زوجتي الأخرى. والاسم الرابع ما أظن أحداً سبقني إليه، على كثرة ما وقفت عليه من الأسماء، في كتب الرجال والرواة، ثم اتبعني على هذه التسمية بعض المحبين، ومنهم واحد من فضلاء المشايخ، جزاهم الله خيراً". (٤) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في تغيير الأسماء برقم (٤٩٥٠) وصححه الألباني.