الثانية: أنّ هذا هو تفسير الآية فيمن فعل ذلك كائناً من كان.
أي: سواء كان المستهزئ منافقاً، أو غير منافق، فإنه يكفر كائناً من كان، لدلالة القصة.
الثالثة: الفرق بين النميمة وبين النصيحة لله ولرسوله.
النميمة يراد بها الإفساد بين الناس، وأما النصيحة: فيراد بها الإصلاح، ولو ترتب عليها أذى.
الرابعة: الفرق بين العفو الذي يحبه الله وبين الغلظة على أعداء الله.
العفو الذي يحبه الله هو المقرون بالإصلاح؛ لقوله: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى الله﴾ [الشورى ٤٠] وأما الغلظة: فدل عليها قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ٧٣]. فالغلظة تكون أنجع وأنجح في بعض الأحوال، كما أن الجرح لا يبرأ إلا بشقه، وإخراج المادة الفاسدة منه، فكذلك بعض الناس لا ينفع معه إلا التغليظ. وقد جرى لنا، ولغيرنا، أن جربنا التغليظ على بعض الغالطين فأيقظته من سكرته. ولو أن الإنسان ظل يرقق الكلام في كل حال؛ لتمادى في غيه، واستخف بالحقوق.